معركة شمال سوريا تحتدم.. فلمن الغلبة؟

تصاعدت الجولة الجديدة من العنف في سوريا بشكل دراماتيكي في اليومين الماضيين، ما طرح علامات استفهام كبيرة عن مدى قدرة النظام السوري وخلفه روسيا من حسم معركة استعادة ادلب عسكرياً وانهاء البقعة الاخيرة للمعارضة المسلحة، قبل الانتقال إلى فرض الشروط على طاولة المفاوضات المعطلة لغاية الآن، رغم تشكيل اللجنة الدستورية. وتساءل مراقبون عن كيفية التحرّك التركي والاميركي في المرحلة المقبلة بعد ان ضربت موسكو بجميع تعهّداتها السابقة عرض الحائط. أوشكت قوات النظام السوري على السيطرة على معرة النعمان ثاني أكبر مدن محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، والتي باتت شبه خالية من السكان، بعد أسابيع من الاشتباكات والقصف العنيف بدعم جوي روسي. وتشهد المنطقة التي تؤوي ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً من النازحين، تصعيداً عسكرياً يتركز في ريف إدلب الجنوبي وحلب الغربي، حيث يمر جزء من الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق. وتركز القصف الجوي أمس على الطريق الدولي شمال مدينة معرة النعمان باتجاه سراقب، كما على ريفها الغربي والمدينة شبه محاصرة، وتمكّن النظام من قطع الأوتوستراد الدولي المعروف بـM5 ويحاول قطع أوصال معرة النعمان من الجهة الشمالية، إذ قطع الطريق بين المعرة ومدينة سراقب وأريحا. ويشابه تقدّم قوات النظام في معرة النعمان سيناريو مدينة خان شيخون في الريف الجنوبي، عبر قطع أوصال المدينة، وتجنّب الدخول بشكل مباشر إلى المدن الكبرى، خوفا من مقاومة كبيرة من فصائل المعارضة. وتنتهج قوات النظام وروسيا سياسة الأرض المحروقة عبر تصعيد القصف بشتى أنواع الأسلحة. وأوضح قادة ميدانيون في فصائل المعارضة أسباب تقدم قوات النظام في ريف إدلب خلال اليومين الماضيين، وقال قائد في «الجبهة الوطنية للتحرير» المنضوية إن النظام يتبع سياسة الأرض المحروقة، وهي العامل الأساس في انسحاب الفصائل من مناطق الاشتباك. والاستراتيجية الأخرى، هي إدخال مجموعات اقتحام روسية بعد القصف تعمل على إنشاء خرق في الخطوط الدفاعية لقوات المعارضة. نزوح نحو المجهول وشهدت منطقة جبل الزاوية وسراقب بريف إدلب نزوح الأهالي باتجاه المناطق القريبة من الحدود التركية، وقالت إحدى النازحات إن النزوح جاء بعد تقدم النظام في الريف الشرقي، وخوفا من قطع الطرقات بين المدن والبلدات. وأضافت إن القصف لم يهدأ. والمدنيون ينزحون نحو المجهول. ويعتبر جبل الزاوية منطقة استراتيجية بسبب ارتفاعه وإطلاله على مساحات واسعة في إدلب، خاصة سهل الغاب، الأمر الذي صعب على قوات النظام السيطرة عليه. ترويج للكيماوي وبدأ النظام السوري بالترويج لقصف كيماوي في منطقة ريف حلب الغربي، عبر استخدام رواية متكررة، تتهم فصائل المعارضة بالتحضير لهجوم بالأسلحة الكيماوية في المنطقة. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري امس، أن الفصائل، التي وصفها بـ«التنظيمات الإرهابية» في إدلب وغرب مدينة حلب، تحضّر لـ«فبركة» هجوم كيماوي، بدعم تركي، واتهام النظام به لوقف تقدمه في تلك المناطق، وفق زعمه. وتثير هذه الرواية المتكررة تخوّفا لدى أهالي المنطقة من تنفيذ هجوم بغاز كيماوي وتبريره لاحقا أمام المجتمع الدولي. وتصدّت فصائل المعارضة المدعومة من تركيا لمحاولات تقدم قوات النظام المتكررة في ريف حلب الغربي، وسط معارك بين الطرفين على أطراف المنطقة، لا سيما على محور جمعية الزهراء. وفرة «التاو» وتزايدت خلال الفترة الماضية مؤشرات استخدام الفصائل المدعومة من تركيا للصواريخ المضادة للدروع، من أنواع مختلفة. وتوضح البيانات المرفقة بتسجيلات مصوّرة على معرفات الجيش الوطني السوري، كثرة استخدام صواريخ التاو الاميركية، ما يعني امتلاك المعارضة كميات كبيرة منها. وكان وفد من الاستخبارات التركية برئاسة رئيس الاستخبارات، هاكان فيدان، اجتمع مع قادة فصائل المعارضة، وقدم لهم وعودا بتقديم الأسلحة، إلى جانب الحديث عن «مفاجآت» خلال المرحلة المقبلة. وجرى الاجتماع بين الطرفين في أنقرة الخميس الماضي، وطلب الوفد التركي من القادة الصمود في التصدي لهجمات قوات النظام. في حين أكد مصدر عسكري ثانٍ في المعارضة أن المجتمعين تلقوا اتصالا من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. عودة أميركية وفي المقابل، أعادت التحرّكات الأميركية الأخيرة في شمال شرقي سوريا، السؤال مجددا عن شكل التنسيق بين القوى الفاعلة في تلك المنطقة ودور وحجم كل منها. ووفق مراقبين، فإن التعزيزات العسكرية الأميركية الكبيرة إلى المنطقة، تحمل رسائل مهمة إلى روسيا، التي شهدت دورياتها المتزايدة في ريف الحسكة، صدامات عدة بين الطرفين على الارض. وبعد التراجع الاميركي عن الملف السوري خلال الأشهر الماضية، سعت روسيا إلى التغلغل في منطقة شرقي الفرات عبر التخطيط لتأسيس قواعد عسكرية دائمة لها في مناطق الإدارة الذاتية الكردية. لكن خلال الأسابيع الأولى من عام 2020، تصدّرت السجالات بين الجيشين الاميركي والروسي في الميدان واجهة الأحداث، حيث كاد بعضها يسفر عن تبادل لإطلاق النار. آخر تلك الصدامات، وقع في السبت، حين اعترضت دورية روسية دورية أميركية في ناحية تل تمر بريف الحسكة، وتطور إلى قيام الطرفين باستعراض قدراتهما الجوية في المنطقة لساعات. Volume 0% وعلى ضوء هذا التصادم، قال البنتاغون إن العسكريين الأميركيين سيبقون في مواقعهم في سوريا، مع الحرص على إبقاء الاتصال مع نظرائهم الروس. وكانت مجلة نيوزويك قالت إن إدارة ترامب تخطط لإرسال دبابات، من أجل نشرها بحقول النفط شمال شرقي سوريا؛ لإبعاد النظام السوري عن المنطقة. تسجيلات لمقاتلين أفغان في إدلب مليئة باللغة الطائفية نشرت مجموعة «ماركو ميديا سنتر» المستقلة تسجيلات صوتية قالت إنها تعود إلى حديث مقاتلين أفغان خلال خوضهم لمعارك ضد المعارضة في إدلب. وبحسب ما نشرته صحيفة التلغراف البريطانية كشفت التسجيلات آلية توجيه مقاتلين إيرانيين وأفغان خلال العمليات العسكرية الدائرة. ويعرض التقرير محتوى الحديث بين اثنين من المقاتلين استطاعت المنظمة الوصول إليه عبر ضبط وتيرة البث الإذاعي التابع للفصائل الإيرانية والأفغانية المقاتلة، خلال شهر اكتوبر 2019، وبعضها خلال الأسابيع الأخيرة التي سبقت نشر التسريبات. وتشير التسجيلات المسربة إلى طلب أحد المقاتلين رأسين حربيين متفجرين، ويقول «دعنا نذهب باتجاه الجبهة سويا ولنرى أي موقع عسكري سنستهدف.. لنتسلل بشكل سري ونضرب، ثم نأخذهما». ويجيبه المقاتل الثاني، «لن يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم.. سنحقق النصر، لا تقلق». واشارت التسجيلات إلى استعانة المقاتلين في أثناء قتالهم بمناجاة رموز دينية، ووصفت الاتصالات الإذاعية المسربة بأنها مليئة باللغة الطائفية. وقالت زميلة برنامج الشرق الأوسط بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، إليزابيث تسوركوف، إن ما تتضمنه التسجيلات ليس فقط تهديدا لحياة أهالي إدلب، وإنما لدينهم. وكان قائد ميليشيا «فاطميون» الأفغانية قال الاسبوع الماضي إن قاسم سليماني قبل اغتياله كان قد أصدر تعليمات لاستراتيجية المجموعة شبه العسكرية للسنوات الخمس المقبلة، وإن اغتياله لن يسبب أي اضطرابات. الحرس الثوري يعترف بدوره في قمع احتجاجات سوريا نشرت وكالة فارس الإيرانية الرسمية تقريرا تحدثت خلاله عن دور فيلق القدس التابع للحرس الثوري في قمع الاحتجاجات السلمية التي اندلعت في سوريا 2011. وقالت الوكالة في تقرير حمل عنوان «مقاتلون بلا حدود» إن كبار القادة الإيرانيين اتخذوا قرارا مهما بتكليف فيلق القدس بدخول سوريا بجدية ومنع سقوط نظام الرئيس بشار الاسد. وكان الوجود الأول لفيلق القدس عبر تدريب أجهزة الشرطة السورية على كيفية التعامل مع المتظاهرين في الشوارع، بحسب الوكالة، التي اعتبرت أن النقص في معدات الشرطة كان احدى المشاكل التي صعبت إدارة الأزمة، لذلك تم تقديم الدعم والمعدات لها. كما أرسل الفيلق عددا من الضباط الأمنيين السوريين إلى إيران لتدريبهم على إدارة الأزمات وأعمال الاستخبارات والأمن. وبحسب الوكالة، فإن الخبراء الإيرانيين أكدوا أن معالجة النظام للمتظاهرين كانت تفتقر إلى الذكاء الكافي وعدم وجود تقدير دقيق للأزمة وجذورها. ويأتي التقرير بعد أيام من نشر الخبير في معهد هدسون في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين ومجلس الأمن القومي، مايكل دوران، تسجيلا لوزير الدفاع السوري علي عبد الله أيوب، وهو يتحدث عن دور قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، في سوريا وتخطيطه للحملة العسكرية على حي بابا عمرو في حمص التي انتهت بمجزرة.