إقتصاد

أصحاب الرواتب أقل من 450 ديناراً الأكثر قناعة بمستوى دخلهم

من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس».

ويعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم بالنسبة لأوضاعهم المالية، وانعكاس ذلك على قدراتهم الشرائية.

ويصدر المؤشر في بداية كل شهر، وهو يرتكز على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات.

وقد تم إجراء البحث بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.

ويستند تقييم المؤشر العام لثقة المستهلك إلى 6 مؤشرات اعتمدها الباحثون في شركة «آراء» لقياس مدى رضا المستهلكين وتفاؤلهم وهي: مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي، مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، مؤشر الدخل الفردي الحالي، مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا، مؤشر فرص العمل الجديدة في سوق العمل حاليا ومؤشر شراء المنتجات المعمرة.

وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الـ 6 بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي».
يتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساسي كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين، فكلما تجاوزها المؤشر كان الوضع النفسي للمستهلكين في الكويت يميل نحو التفاؤل أكثر فأكثر، وكلما تراجع المؤشر عنها في اتجاه الصفر كانت النظرة أكثر تشاؤما.

أصدرت شركة آراء للبحوث وللاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت، لشهر نوفمبر 2017، حيث تميز الشهر بكونه مرحلة انتقالية بين استقالة الحكومة والاعداد لتشكيل حكومة جديدة، لذلك كان من البديهي أن ينتظر المواطنون مجلس وزراء جديدا قادرا على مواجهة التحديات المتأتية من بؤر التوتر السياسي، الأمني والعسكري الذي ينتشر في بعض الدول الإقليمية.

ومن جهة أخرى، تعمل الحكومة على استكمال وتطوير الإستراتيجية الاقتصادية والمالية لمعالجة تداعيات انخفاض أسعار النفط الذي أوصل الكويت إلى تسجيل عجز مالي يقارب 15% من الدخل الوطني، وذلك باتخاذ خطوات إضافية لمزيد من الاستثمار في القطاعات المنتجة وتقليص النفقات غير المنتجة، وفتح آفاق التطور الاقتصادي المتنوع الأشكال.

من أهم الخطوات تقوية القطاع الخاص بشتى مستوياته وتشجيع الاستثمار الداخلي والأجنبي لرفع مستوى المداخيل غير النفطية وتنويع مصادر الدخل.

ومما لا ريب فيه أن هذه المهام الاستراتيجية تتطلب حكومة قادرة على التنسيق والتكامل مع مجلس الأمة لاتخاذ القرارات الضرورية وعلى جمع مختلف القوى والقدرات الوطنية الداخلية حولها.

ان الحكومة الجديدة ستواجه، بالإضافة الى المخاطر الإقليمية، عبئا اقتصاديا وماليا تشير بعض معطياته الى أهميته على الوضع الحالي والمستقبلي، ومنها:

٭ حجم المبلغ المسحوب من الاحتياطي يوازي 10% من الدخل الوطني السنوي، حيث سحبت من الاحتياطي خلال السنوات الثلاث الماضية 29 مليار دينار.

٭ يقدر صندوق النفد الدولي ان عجز الموازنة الحكومية الكويتية سيبلغ 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة.

وفي هذه الأجواء، سجل مؤشر آراء العام لثقة المستهلك نوفمبر 2017 معدلا من افضل المعدلات بلغ 113 نقطة بزيادة 8 نقاط خلال شهر وإضافة 18 نقطة مقارنة بنوفمبر 2016.

والملاحظ أن كل مكونات البحث في مختلف المحافظات عبرت عن المزيد من الثقة بحيث سجلت محافظة الجهراء 124 نقطة بإضافة 15 نقطة على رصيدها السابق ومحافظة حولي أضافت 15 نقطة والعاصمة 8 نقاط خلال شهر.

كما سجل المواطنون 118 نقطة للمؤشر العام بإضافة نقطتين والمقيمون العرب 105 نقاط بزيادة 18 نقطة على معدلهم السابق.

اللافت أن فئة الإناث منحت المؤشر العام معدلا مرتفعا بلغ 120 نقطة بارتقاء 25 نقطة خلال شهر.

يمكن الاعتبار أن الخلاصة المستمدة من معطيات البحث تكشف ميلا واضحا لدى مختلف مكونات العينة نحو المزيد من الاستقرار والثقة.

الأقل دخلاً الأكثر قناعة

انسجم معدلا مؤشر الدخل الشهري الحالي والمتوقع مستقبلا مع سمة التفاؤل التي صبغت معظم معدلات مؤشرات ثقة المستهلك لشهر نوفمبر 2017، حيث سجل معدل الدخل الشهري الحالي 105 نقاط بإضافة 10 نقاط ومعدل الدخل الشهري المتوقع مستقبلا ارتقى إلى 106 نقاط بزيادة 6 نقاط مقارنة بشهر أكتوبر.

ويعتبر هذان المعدلان من الافضل منذ سنتين.

ومن المنطقي الربط بين الانعكاس الإيجابي للارتفاع النسبي لأسعار النفط على مختلف القطاعات الاقتصادية وتأثيرها التدريجي غير المباشر على المداخيل، لذا فإن معظم المستطلعين ابرزوا رضاهم على الدخل الفردي الحالي والدخل الفردي المتوقع في المستقبل.

ومن العوامل المساعدة في هذا المجال والتي ساهمت برفع مستوى الثقة بالمداخيل:

٭ السيطرة على مستوى التضخم السنوي الذي لم يتجاوز تقريبا النسب المسجلة ما قبل انخفاض أسعار النفط وهذا الإنجاز يحمي القدرة الشرائية للمداخيل.

٭ محافظة الدينار الكويتي على متانته السابقة عند صرفه بالعملات الأجنبية.

٭ تضاعفت مداخيل العاملين في القطاع الحكومي مرتين خلال 7 سنوات.

أما في القطاع الخاص فلا بد من ان تتأثر المداخيل الفردية ايجابيا في بعض القطاعات الاقتصادية الناشطة بانتظار تعميم مبدأ زيادة الأجور بشكل تدريجي وحيث امكن.

ان المفارقة التي تستحق التوقف والتفسير والتي بينتها أرقام ومعطيات البحث، تسجيل فئة ذوي المداخيل الشهرية الادنى التي لا تتجاوز 450 دينارا معدلات رضا على الدخل الفردي بلغت 106 نقاط للدخل الفردي الحالي بإضافة 34 نقطة و103 نقاط لمعدل الدخل الفردي المتوقع مستقبلا بزيادة 15 نقطة على رصيدهم في شهر أكتوبر.

بينما في موقف متناقض اكتفت الفئة من ذوي الدخل الشهري المرتفع الذي يتراوح بين 2250 و2849 دينارا شهريا بإعطاء مؤشر الدخل الفردي الحالي 92 نقطة بخسارة 29 نقطة من رصيدهم خلال شهر.

تكشف لنا هذه المعدلات مستوى رضا ذوي الدخل الأدنى عن مستوى الدخل وذلك، كما يبدو، راجع إلى أولوية الاستقرار في العمل وضمان المدخول الشهري بالنسبة لهم بينما ذوو المداخيل العالية يسعون للمزيد.

ارتفاع النفط عزز ثقة المستهلك

ذكر مؤشر آراء أن مسار أسواق النفط وتقلب الأسعار سلبا أو إيجابا يتحكمان في مفاصل الأوضاع الاقتصادية والمالية في الدول المنتجة للنفط وتنعكس اتجاهاتها على الواقع الاجتماعي وبالتالي ميول وقناعات ومستوى ثقة المستهلكين، وذلك نظرا للترابط العضوي بين حركة أسعار النفط وأوضاع مختلف القطاعات الاقتصادية في تلك البلدان.

استنادا الى هذه الرؤية، ينكشف مدى ارتفاع الثقة بالأوضاع الاقتصادية خلال شهر نوفمبر بالترابط مع الارتفاع النسبي لأسعار النفط، فقد سجل مؤشر آراء للوضع الاقتصادي الحالي 99 نقطة بإضافة 9 نقاط ومعدل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا 108 نقاط بزيـــادة 9 نقاط أيضا خلال شهر نوفمبر.

تستدعي هذه المعدلات بعض التوقف إذ إنه من النادر ان ترتفع مؤشرات الوضع الاقتصادي الحالي والوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا معا، بحيث كانت سمة التفاوت بينهما هي الغالبة في قناعات المستهلكين. كما أن ظاهرة ارتفاع الثقة في الأوضاع الاقتصادية الحالية والمستقبلية حصلت في شهر نوفمبر، حيث برزت عدة معطيات مالية واقتصادية غير مشجعة:

٭ عجز الموازنة السنوي الذي يلامس 6 مليارات دينار.

٭ بعض التراجع في نشاط السوق المالي الذي بينته معطيات شهر أكتوبر، حيث سجلت مؤخرا أدنى مستويات السيولة منذ 5 اشهر.

ضمن هذا السياق المالي والاقتصادي خلال شهر نوفمبر، ارتفعت معدلات ثقة المستهلك بالوضع الاقتصادي ومن البديهي ربط هذا الارتفاع بالتحسن النسبي لأسعار النفط، حيث:

٭ حافظت الكويت على حجم صادراتها اليومية من النفط 3.150 ملايين برميل.

٭ بلغ معدل سعر برميل النفط خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية الحالية 49.1 دولارا، بينما ارتفع هذا المعدل خلال شهر أكتوبر الى 54.3 دولارا، وتراوحت أسعار شهر نوفمبر بين 58 و60.3 دولارا للبرميل، علما بأن السعر الافتراضي لبرميل النفط في الموازنة يبلغ 45 دولارا.

بالإضافة الى ذلك، فإن تثبيت وتجديد اتفاق خفض الإنتاج النفطي، بالرغم مما يعانيه أحيانا من مسائل تفصيلية حول مدى تقيد بعض البلدان المنتجة بنسب التخفيض، وبالرغم من زيادة الولايات المتحدة لعدد منصات انتاج النفط 9 منصات إضافية ليصل العدد الى 738 منصة، فإن الميل العام لأسواق النفط تميل نحو سد الهوة واعادة التوازن بين العرض والطلب.

ارتفاع الطلب على القوى العاملة المتوسطة الكفاءات

وفي سياق التحسن الذي طرأ على المداخيل الفردية في نظر المستهلكين، سجل مؤشر آراء لفرص العمل المتوافرة في السوق حاليا 198 نقطة بإضافة 23 نقطة على رصيده السابق.

يعتبر هذا المعدل مقياسا لقوة ونشاط سوق العمل وهو الأفضل منذ ثلاث سنوات ويكشف مدى تأقلم الحياة الاقتصـــادية مع مقتضيات اسعار النفط. أكدت أكثرية مكونات البحث على الصعيدين الجغرافي في المحافظات والاجتماعي التحسن الملموس في مستوى الطلب على القوى العاملة ومع ذلك برزت تباينات واسعة بين المستطلعين كشفت التوجهات الحقيقية لنوعية الأعمال والوظائف المطلوبة، كما بينت بعض الفروقات في مستوى الطلب بين المحافظات.

في هذا السياق، اي فيما يتعلق بخصوصية سوق العمل في الكويت، لم تزل قضية رفع نسبة القوى العاملة الوطنية من مجموع العاملين في الكويت تمثل مركز الاهتمام الاول، فقد دعى البنك الدولي الى تطوير القطاع الخاص وتشجيع الشركات المتوسطة والصغيرة المؤهلة لاستيعاب الشباب الكويتي الوافد الى سوق العمل خلال السنوات الخمس المقبلة.

كشفت لوحة معدلات مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا جملة من التباينات ومنها:

٭ منح المواطنين معدل 182 نقطة بزيادة 8 نقاط، بينما ارتفع المعدل لدى المقيمين العرب 61 نقطة.

٭ ازداد رصيد الفئة العمرية 36-55 سنة 44 نقطة، بينما أضاف الشباب 18-35 سنة 4 نقاط فقط.

٭ على صعيد المناطق أضافت محافظة حولي 57 نقطة ومحافظة الأحمدي 40 نقطة، ومن جهة اخرى خسر معدل محافظة الفروانية 19 نقطة خلال شهر.

٭ أما على صعيد فئات الدخل، فان الفئات الثلاث التي تتقاضى من أدنى الأجور الى أوسطها ازداد معدلها 27 و26 و26 نقطة على التوالي، بينما أصحاب الأجور التي تتراوح بين 1749 دينارا الى 2250 دينارا شهريا كحد أقصى رفعوا معدلاتهم بنسب غير مسبوقة تراوحت بين 46 و56 نقطة، وذلك خلافا لذوي الاجور المرتفعة جدا حيث تراجع معدلهم 21 نقطة.

إن تطور القطاعات الاقتصادية وكيفيــــة انتشـــار مقراتها وورش عملها، ونوعيـــة القوى العاملــة المطلوبة يترك بصماته على حركة سوق العمل.

 150 % نمو الإنفاق الاستهلاكي خلال 7 سنوات

انفرد مؤشر آراء لشراء المنتجات المعمرة خلال شهر نوفمبر عن بقية المؤشرات مسجلا 116 نقطة بواقع تراجعي بلغ 5 نقاط، مشيرا الى الميل لتقليص الإنفاق في أوساط بعض المستهلكين، علما أن القروض الشخصية ارتفعت بنسبة 7% على أساس سنــوي كمـــا نما الائتمان المصرفــــي بشكــل عام بنسبة 3.1% سنويا. مع الإشارة الى تراجع حاد لبعض معدلات مؤشر شراء المنتجات المعمرة ومنها:

٭ محافظة الأحمدي سجلت خسارة 87 نقطة خلال شهر.

٭ تراجع هذا المعدل لدى ذوي الرواتب الاعلى.

٭ تراجع المؤشر 28 نقطة لفئة الدخل الشهري الذي يتراوح بين 1250 و2249 دينارا.

٭ تراجع مستوى الشراء عند الذكور بنسبة 23 نقطة بمقابل ارتفاعه لدى الإناث 19 نقطة.

مع أن مقومات ارتفاع مستوى الاستهلاك لم تزل قوية، يبدو أن تراجع حركة شراء السلع المعمرة خلال شهر نوفمبر ليست إلا مرحلة استراحة مؤقتة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى